غزة وشمالها تحت الصمود: قراءة تحليلية لصراع البقاء بين الاحتلال والسكان

قراءة في الرؤية الإسرائيلية


تقدير موقف
المركز الفلسطيني للدراسات السياسية

مقدمة

مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة وشمال القطاع خلال الشهر الجاري، تصاعدت محاولات الاحتلال لإخلاء المدينة من سكانها تمهيدًا لاحتلالها بشكل كامل، وفقًا للخطط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، ومع ذلك، يبقى عدد كبير من السكان داخل المدينة، مما يشكل تحديًا استراتيجيًا أمام الخطط الإسرائيلية ويحوّل الصراع إلى صراع أدمغة ونفوذ نفسي بين المنظومة الأمنية الإسرائيلية من جهة، وحركات المقاومة الفلسطينية والمجتمع المدني المحلي من جهة أخرى.

يركز هذا التقدير على ديناميات البقاء في المدينة، حيث تعمل فصائل المقاومة على تعزيز صمود المواطنين وإفشال محاولات النزوح، مستفيدة من التكلفة العالية للنزوح، نقص أماكن الاستيعاب، واستمرار الهجمات على جميع مناطق القطاع التي تجعل أي انتقال غير مضمون النتائج، وفي المقابل، يسعى الاحتلال إلى حث السكان على النزوح عبر الضغط العسكري والدعاية النفسية، مع اعتماد خطة ثلاثية لإخلاء المدينة وفرض السيطرة.

تسلط الورقة الضوء على آليات الصمود، التحديات الميدانية واللوجستية، والسيناريوهات المحتملة للعملية الإسرائيلية، مع استنتاجات وتوصيات عملية تهدف إلى تعزيز قدرة السكان على الصمود، حماية المواطنين، وإدارة الموارد، بما يحول الصمود الفلسطيني إلى أداة استراتيجية توازن القوى في مواجهة المخطط الإسرائيلي.

صراع البقاء

يشير المراسل العسكري لموقع “والا” العبري، أمير بوخبوط، إلى أن ما يجري في غزة ليس مجرد صراع عسكري تقليدي، بل صراع أدمغة واستراتيجية على البقاء، حيث يتقاطع فيه بعدان: بعد الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لإفراغ المدينة من سكانها تمهيدًا لاحتلال كامل، وبعد المقاومة الفلسطينية التي تعمل على الحفاظ على الحيز البشري كعنصر جوهري في صمود المدينة وإفشال المخططات الإسرائيلية.

فحركة حماس، وفقًا للمصادر العسكرية الإسرائيلية نفسها، لم تقتصر على التحرك العسكري فقط، بل قامت بإطلاق حملة دعاية مضادة منهجية تستهدف تثبيت المواطنين في منازلهم، وتشمل:

  • التكلفة الاقتصادية للنزوح: حيث تحاول الحركة توضيح أن النزوح لن يكون مجانياً، بل سيكلف المواطنين أموالاً باهظة لتأمين المأوى المؤقت والتنقل.
  • نقص أماكن الاستيعاب والخيام: تشير المصادر الإسرائيلية إلى أن القدرة على توفير مساكن مؤقتة أو خيام للنازحين غير متاحة بالكميات الكافية، وهو ما يجعل تجربة النزوح محفوفة بالمخاطر الاقتصادية والاجتماعية.
  • المخاطر الأمنية: في ظل استمرار الغارات والهجمات الإسرائيلية على جميع مناطق القطاع، يبرز أن النزوح لن يخفف الخطر، إذ إن المواطنين العزل معرضون للهجمات في أي منطقة يذهبون إليها، مما يقلل من جدوى خطة الإخلاء.

وتوضح المصادر الإسرائيلية أن عدد النازحين الفعلي ما زال أقل من المتوقع، في حين أصدرت الحكومة في غزة تعليمات لموظفيها بعدم مغادرة المدينة، كجزء من استراتيجية مواجهة خطة التهجير القسري، وهذا الواقع يشير إلى أن الدعاية المضادة التي تقودها حماس ليست مجرد رد فعل إعلامي، بل أداة استراتيجية فعالة، تهدف إلى تحويل صمود السكان إلى عامل مضاد يعرقل العمليات الإسرائيلية، ويجعل بقاء السكان في الشمال أداة أساسية لإفشال خطة “مركبات جدعون ب”.

من هذا المنظور، يتضح أن الصراع على البقاء في غزة ليس فقط مسألة دفاع عن أرواح المواطنين العزل ومنازلهم، بل جزء من حرب عقلية واستراتيجية تؤثر مباشرة على مسار العمليات العسكرية والسياسية للاحتلال. فكل رفض للنزوح، وكل قرار بالبقاء، يمثل ضغطًا مزدوجًا على الاحتلال: إعاقة التنفيذ العسكري وتقويض القدرة على فرض السيطرة الكاملة على المدينة.

الخطة الثلاثية لجيش الاحتلال لإخلاء غزة والتحديات

تُعرض الخطة الإسرائيلية المعلنة، وفق مسؤولي القيادة الجنوبية في جيش الاحتلال، في ثلاثة مسارات متسلسلة تهدف إلى تمهيد الطريق لاحتلال جزئي أو كامل لمدينة غزة، وهذه المراحل ليست فحسب عملياتية — هي أيضاً أدوات ضغط سياسية ونفسية على السكان وقيادات المنطقة، فيما يلي تفصيل المراحل وتحليل واقعي لقدراتها وحدودها:

المرحلة الأولى — “مرحلة النار” (تشريد مادي ونَسْف مباني)

الوصف التكتيكي: تتركز هذه المرحلة على تنفيذ عمليات هدم واسعة للمباني خصوصًا خلال الليل، واستخدام آليات تفجير وهدم متقدمة (من ضمنها مجنزرات مفخخة تعمل فوق وتحت الأرض) لخلق أحزمة مدمرة تقلص قدرة السكان وإتاحة ممرات للاشتغال العسكري.

التحليل والتداعيات:

  • هدف هذه المرحلة تكتيكي-نفسي: إضعاف قدرة السكان على البقاء مادياً ونفسياً، وخلق ضغوط نفسية تدفع نحو النزوح أو إضعاف المقاومة المدنية.
  • لكنها مُكلفة من ناحية لوجستية وتُنتج ظواهر عكسية: تدمير البنى التحتية يولّد موجات نزوح داخلية تزيد من العُزلة الإنسانية بدلًا من تمكين الانتقال المنظم؛ كما أن الهدم الواسع يزيد من التحمّل الشعبي ويُغذّي روايات المقاومة المضادة.
  • من الناحية العسكرية، الهدم الكثيف يسهّل تحركات المدرعات والقوات ولكن يعقّد عمليات التمشيط داخل بيئة حضرية مُدمَّرة حيث يتحول الحي إلى شبكة أنفاق وأنقاض توفر غطاء للمقاومة.

المرحلة الثانية — التخطيط للعملية البرية (المدى البشري والزماني)

الوصف التكتيكي: إعداد قوات برية مُنظّمة لدخول المدينة، مع تنسيق استخباراتي دقيق حول مواقع المقاومة وملف الأسرى والمفقودين، وتبنّي نهج بطيء وغير متعجل لتفادي المفاجآت.

التحليل والتداعيات:

  • البطء المقصود هنا يعكس وعيًا بالمخاطر اللوجستية والبشرية في ساحة مدنية مكتظة؛ فالتحرك السريع قد يُكبد قوات الاحتلال خسائر أعلى ويُسهِم في فوضى وارتباك.
  • ومع ذلك، الإبطاء يطيل أمد العمليات ويضع ضغوطًا على الإمداد والاحتياط والقدرة على الحفاظ على زخم عسكري؛ كما يُعطي المقاومة الفلسطينية وقتًا لتعزيز دفاعاتها وإعادة توطين المواطنين داخل جيوب حضرية.
  • على مستوى القيادة السياسية، إطالة المدة قد تؤدي إلى ضغوط داخلية وخارجية (أمنيّة وسياسية ودولية)، وهو ما قد يفرض تكييفاً على الأهداف الاستراتيجية أو قبول تسويات جزئية.

المرحلة الثالثة — “المرحلة عالية السرية” (قدرات جديدة وقيود سياسية)

الوصف التكتيكي: دمج قدرات عسكرية غير مُستثمَلة سابقًا في الصراع، مع تعليمات مشددة بعدم السماح بالخروج من المناطق التي سيُعلن الاحتلال سيطرته عليها.

التحليل والتداعيات:

  • غياب التفاصيل العامة عن هذه المرحلة يُظهر أنها مخصّصة لتقنيات أو تكتيكات قد تُستغل لما بعد السيطرة الميدانية (تثبيت، تطهير، واستغلال بنية تحتية).
  • هذه المرحلة تحمل مخاطرة سياسية وقانونية عالية: إجراءات “عدم الخروج” والقواعد الجديدة للتحكم بحركة السكان قد تواجه مقاومة إقليمية ودولية كبيرة، وتزيد من عزل الاحتلال إن ترافقت مع أزمة إنسانية كبيرة.
  • عمليًا، استخدام قدرات جديدة داخل مساحة موسّعة من العمران قد يُنجم عنه خسائر بشرية ومادية كبيرة حتى لقوات الاحتلال، خصوصًا إذا لم تُحسم مسائل الاستخبارات الميدانية بدقة.

التحديات اللوجستية والإنسانية الاستراتيجية

بجانب المخاطر الميدانية، تواجه الخطة إشكاليات لوجستية وإنسانية تجعل تحقيقها الكامل صعبًا أو مكلفًا للغاية:

  1. إدارة نزوح مئات الآلاف: تأمين مأوى، مياه، غذاء، رعاية صحية ومرافق طارئة لعدد كبير من النازحين يتطلب جهداً لوجستيًا وإمكانات مادية ضخمة تفوق قدرة الترتيبات السريعة، وعدم القدرة على ذلك يولِّد أزمات إنسانية حادة قد تسرّع من فشل عناصر من الخطة.
  2. البيئة الحضرية المعقدة :الأنقاض، الأنفاق، الكثافة السكنية والجغرافيا الحضرية تُصعّب الحركة والتعرف على العدو وتزيد من مخاطر الخسائر بين المواطنين العزل، ما يقلّل من الفعالية العملية للقوة الغازية.
  3. الضغوط السياسية والدولية: طول الحملات والعواقب الإنسانية يجذبان انتقادات دولية يمكن أن تُقيّد حرية التحرك السياسي والعسكري للاحتلال، أو يخلقون فُرصًا لتهدئة أو مفاوضات تقلّص أهداف الخطة.

الخطة الثلاثية تُمثّل محاولة لتوظيف أدوات عسكرية ونفسية وتكتيكية لإحكام السيطرة على مدينة  غزة، لكنها تشتغل ضمن قيود قوية: البيئة الحضرية الصعبة، التكلفة اللوجستية لإدارة نزوح واسع، وزيادة قدرة حماس على تحويل بقاء السكان إلى أداة مضادة، هذه القيود تجعل احتمال نجاح الخطة من وجهة نظر إسرائيلية على نحو كامل منخفضًا أو مشروطًا بتنازلات سياسية وتكاليف إنسانية ومادية هائلة.

السيناريوهات المحتملة

  1. خلل غير محسوب يؤدي إلى مقتل عدد من الأسرى.

وصف السيناريو: خطأ تكتيكي أو فُقدان سيطرة أثناء العمليات يؤدي إلى مقتل أسرى — سواء نتيجة ضربات عسكرية خاطئة، انفجارات عرضية، أم اشتباكات داخل أُطر احتجاز مؤقتة.

تقدير الاحتمالية: متوسطة — احتمال موجود خاصة في بيئة عمليات حضرية فوضوية وسريعة التغير.
المحفزات: ضيق معلومات الاستخبارات، فرط الاعتماد على أساليب هجومية عالية الكثافة، وجود المواطنين العزل بالقرب من عناصر المقاومة.

الآثار: تفجّر عواطف عامة وموجة احتجاجات محلية ودولية؛ قد يؤدي إلى تصعيد عسكري كبير أو استبعاد أي تسوية فورية؛ ضربات رمزية تُستغل إعلاميًا لصالح حماس.

2. حاصرة أعداد كبيرة من مقاتلي المقاومة ثم تفاوض لصفقة إبعاد (نموذج بيروت 1982)

وصف السيناريو: ينجح جيش الاحتلال في حصار مجموعات كبيرة من المقاتلين، ثم يسعى المستوى السياسي لاستبدال المواجهة بصفقة إبعاد أو تبادل مقيدة.

تقدير الاحتمالية: متوسطة-منخفضة — يعتمد على قدرة الجيش على فرض حصار فعّال دون خسائر باهظة، وعلى رغبة الطرف السياسي في تسوية من هذا النوع.

المحفزات: ضغط سياسي داخلي على الحكومة لنتيجة رمزية، اعتبارات إنسانية دولية، أو فشل العمليات البرية في تحقيق أهدافها بالكامل.

الآثار: قد تُقلّص هذه الصفقة من عنف العمليات لكنها تحمل تبعات ديموغرافية وسياسية طويلة الأمد (تهجير قيادات/مقاتلين وخسارة أرضية للمقاومة)، لدى الفلسطينيين آثار مزدوجة: احتمال خفض المواجهة قصيرة المدى مقابل خسارة قيادات أو تحوّل في بنية المقاومة.

3. بقاء مئات الآلاف في أحياء غربي غزة وإفشال هدف الإخلاء

وصف السيناريو: رغم الضغوط والهجمات، يرفض عدد كبير من السكان النزوح ويبقون في أحياء غربي المدينة، ما يعرقل عمليات الاحتلال ويُجبره على تعديل أو تأجيل الخطط.

تقدير الاحتمالية: مرتفعة — يتسق مع الملاحظات الأصلية حول عزوف النازحين وإجراءات الحكومة المحلية.
المحفزات: فعالية الدعاية المضادة، شبكات دعم فلسطينية، وخوف السكان من مخاطر النزوح.

الآثار: تعطيل خطط الإخلاء يؤدي إلى فشل أهداف فرض سيطرة دائمة؛ قد يزيد من الضغوط على جيش الاحتلال للتدخل بقوة أو البحث عن حلول بديلة، ما يطيل المواجهة ويشعل أزمات إنسانية داخلية.

4. احتمال ضعيف لموافقة حماس على شروط حكومة الاحتلال لوقف الحرب (مع إفراج عن أسرى)

وصف السيناريو: صفقة تهدئة وسياساتها تقبل بها حماس مقابل شروط إسرائيلية محددة تشمل الإفراج عن أسرى أو ضمانات أمنية.

تقدير الاحتمالية: ضعيف، هذا السيناريو ليس مرجحًا في المدى القصير.

المحفزات: تدهور إنساني كبير يضغط على الطرفين، تدخل وسطاء إقليميين أو دوليين، أو حسابات سياسية داخلية تُجبر الطرفين على قبول حل مؤقت.

الآثار: تهدئة مؤقتة قد تسمح بإدخال مساعدات إنسانية، لكنها قد تُبقي قضايا مركزية دون حل، وتفتح نافذة سياسية لإعادة ترتيب المشهد.

 5.نزوح جماعي تجاه الحدود الشرقية (سيناريو غير محسوب عواقبه)

وصف السيناريو: فشل قدرة الجنوب على استيعاب النازحين يدفع موجات ضخمة تجاه الحدود الشرقية للقطاع، ما يخلق أزمة إنسانية وسياسية مع عواقب غير متوقعة.

تقدير الاحتمالية: قائم — بناءً على تحذيرات المصادر الإسرائيلية من عدم قدرة المرافق على الاستيعاب.
المحفزات: قصور البنية التحتية في الجنوب، عدم تنسيق مع جهات إقليمية، تصاعد القصف في المناطق المستهدفة.
الآثار: تهديد أمني وإنساني متبادل؛ إمكانية اشتباكات حدودية، عقبات أمام المنظمات الدولية، واستغلال هذا الانزياح سياسياً لصالح محاولات تقييد الحركة أو فرض ترتيبات جديدة.

خلاصة تقييمية

السيناريوهات الأربع والخامسة تمثل مسارات متقاطعة تتأثر بالمتغيرات الميدانية، الإعلامية، والسياسية، وبقاء المواطنين داخل المدينة يظهر كعامل مفتاح يمكن أن يقلب موازين القدرة التنفيذية للاحتلال؛ بينما أي فشل في إدارة الجانب الإنساني (استيعاب النازحين) قد يفضي إلى نتائج عكسية لا تُحمد عقباها، ومن من هنا، تصبح الاستجابة الفلسطينية الفعّالة مركزة على: حماية المواطنين، تنظيم الاستجابة الإنسانية المحلية، كسر أُسطوانة الدعاية المعادية، وإبقاء قنوات الضغط السياسي والدبلوماسي مفتوحة.

الخلاصة

يظهر التحليل أن الصراع في مدينة غزة يتجاوز مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، ليصبح صراعًا استراتيجيًا ونفسيًا على البقاء، فالمقاومة الفلسطينية وسكان المدينة يحوّلون تواجدهم المستمر داخل الأحياء إلى عامل مضاد يعرقل تنفيذ الخطط الإسرائيلية للتهجير والسيطرة الكاملة، ويحوّل كل قرار بالبقاء إلى أداة استراتيجية تؤثر مباشرة على موازين القوى الميدانية والسياسية.

تكشف الخطة الثلاثية للجيش الإسرائيلي عن محاولة محكمة لتوظيف عناصر عسكرية ونفسية متسلسلة: بدءًا بمرحلة هدم واسعة (“مرحلة النار”)، مرورًا بعملية برية بطيئة ومنسقة مع الاستخبارات، وانتهاءً بمرحلة عالية السرية تعتمد تقنيات غير مستخدمة سابقًا، ومع ذلك، تواجه هذه الخطة تحديات جوهرية تشمل البيئة الحضرية المعقدة، صعوبة إدارة نزوح مئات الآلاف، والقيود الإنسانية والسياسية التي تحد من قدرة الاحتلال على تنفيذها بالكامل.

تتضح أيضًا من خلال السيناريوهات المحتملة أن أي خلل تكتيكي، أو بقاء واسع للمواطنين في الأحياء الغربية من مدينة غزة، أو فشل الجنوب في استيعاب النازحين، يمكن أن يؤدي إلى إعاقة فعالية العملية الإسرائيلية وإفشال أهدافها الأساسية، وهذه السيناريوهات تعكس حجم الضغوط التكتيكية والإنسانية التي تواجه الاحتلال، وتؤكد أن الصمود المدني هو عنصر محوري يمكن أن يحوّل الخطط العسكرية إلى معوقات استراتيجية.

في ضوء ما سبق، يمكن القول إن نجاح الاحتلال في تهجير السكان وإخضاع المدينة لسيطرة كاملة ليس مضمونًا، بينما يبقى صمود السكان والتنسيق المحلي بين فصائل المقاومة والمجالس المدنية أداة رئيسية لإفشال المخططات العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وكل استمرار في البقاء يُمثل ضغطًا مزدوجًا: عسكريًا على قوات الاحتلال، وسياسيًا على المستوى الإسرائيلي، ويُبقي الأرض الفلسطينية تحت سيطرة المجتمع المحلي ويُحافظ على توازن قوى يسمح بالاستمرار في مقاومة التهجير.

التوصيات

  1. استمرار تعزيز صمود المواطنين في المدينة وتشجيع المواطنين على البقاء في منازلهم ومناطقهم، خاصة في الأحياء الغربية، حيث يمثل استمرار وجودهم أداة استراتيجية لإفشال المخطط الإسرائيلي لإخلاء المدينة.
  2. التحرك الإعلامي والدولي وتوثيق الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية، مع نشرها على المنصات الدولية والصحفية لإظهار فشل الاحتلال في تنفيذ خططه القسرية.
  3.   التصدي للدعاية والضغط النفسي وإطلاق حملات إعلامية مضادة تبرز جدوى البقاء في الأحياء وتهدف إلى كسر الترويج الإسرائيلي للنزوح، مع تقديم أدلة ملموسة على مخاطر النزوح الجماعي.
  4. توظيف الوسائل الرقمية والمجتمعية لنشر قصص صمود السكان والنجاحات في حماية الأحياء، مما يرفع من معنويات المواطنين ويزيد من مقاومة الضغوط النفسية.
  5. إدارة الموارد الإنسانية واللوجستية وتنسيق توزيع المساعدات الغذائية والطبية بطريقة استراتيجية لتغطية أكبر عدد ممكن من السكان، مع مراعاة الأولويات حسب الحاجة.
  6.   الضغط السياسي والدبلوماسي واستثمار الصمود المحلي في تعزيز الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي والإقليمي، وتسليط الضوء على العواقب الإنسانية المحتملة لأي محاولة إخلاء قسري.
  7. الحفاظ على قنوات اتصال مع المنظمات الدولية لضمان دعم مستمر وحماية حقوق المدنيين، مع متابعة دقيقة لأي محاولات وقف حرب أو مفاوضات لإطلاق الأسرى.
  8. تعزيز القدرة على التكيف مع مختلف السيناريوهات المحتملة، بحيث يصبح المجتمع المحلي قادرًا على مواجهة أي تغيرات مفاجئة في مستوى العمليات العسكرية أو التدخلات الإسرائيلية.

شارك:

المزيد من المقالات