مقدمة
مع اشتداد الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، برزت حملات المقاطعة الاقتصادية كأحد أبرز أشكال المقاومة الشعبية، وشهدت تفاعلًا واسعًا على المستوى العالمي والعربي والإسلامي، فقد تصاعدت دعوات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الشركات الداعمة للكيان الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة، كردّ مباشر على جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة.
وتُعدّ المقاطعة الاقتصادية وسيلة احتجاجية وأخلاقية تهدف إلى الضغط على الشركات والمؤسسات التي توفر دعمًا ماليًا أو لوجستيًا للاحتلال، أو تسهم في تعزيز اقتصاد الحرب الإسرائيلية، وقد تجاوزت آثار المقاطعة البعد الرمزي إلى تأثيرات اقتصادية ملموسة، حيث ألحقت خسائر كبيرة بعدد من الشركات الكبرى، وشهدت قطاعات في الاقتصاد الإسرائيلي تراجعًا ملحوظًا في العائدات والاستثمارات.
وتتميز حملة المقاطعة الراهنة بزخم استثنائي واتساع نطاقها جغرافيًا واجتماعيًا، حيث انضمت إليها شرائح واسعة من المستهلكين حول العالم، وشهدت انخراطًا كبيرًا من طلاب الجامعات والنقابات والناشطين، في ظل تزايد الوعي بضرورة اتخاذ مواقف فعلية ضد الاحتلال.
وفي مواجهة الحملات المضادة التي تدّعي أن المقاطعة تُلحق ضررًا باقتصادات الدول المستهلكة، برزت نماذج وشهادات عديدة تؤكد على جدوى المقاطعة وأثرها الملموس على الاقتصاد الإسرائيلي، سواء من خلال ارتفاع تكاليف المعيشة، أو تراجع جاذبية السوق الإسرائيلية أمام المستثمرين، أو عزوف المستهلكين عن العلامات التجارية المتورطة.
تهدف هذه الورقة التي أعدها مركز الدراسات السياسية والتنموية إلى تسليط الضوء على المقاطعة الاقتصادية بوصفها أداة نضالية فعّالة، من خلال عرض تعريفها وأهدافها وأسبابها وأدواتها، واستعراض أبرز الشركات والمنتجات المستهدفة بالمقاطعة، وقياس تأثيراتها الاقتصادية على الكيان الإسرائيلي، إلى جانب مناقشة التحديات التي تواجهها، وتقديم توصيات عملية لتعزيز استمرارية المقاطعة وتوسيع نطاقها، لاسيما في ظل الحرب المتواصلة على غزة.
تعريف المقاطعة الاقتصادية وأهدافها وأدواتها وأهميتها وأسبابها
تُعرف المقاطعة الاقتصادية للكيان الإسرائيلي بأنها امتناع طوعي ومنظَّم عن التعامل التجاري أو المالي أو الاستثماري مع الكيان الإسرائيلي أو المؤسسات المرتبطة به، من قبل أفراد، أو مؤسسات، أو دول، وذلك بهدف الضغط عليه لوقف سياساته العدوانية والاستعمارية بحق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق العدالة والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتُعد المقاطعة أداة نضالية تستخدمها الشعوب والحركات التضامنية للضغط السياسي والاقتصادي، وتعتمد على مفاهيم العدالة والمساءلة ومناهضة التواطؤ.
ومن أبرز حركات التضامن في هذا الإطار حملة BDS وهي حملة عالمية شعبية تهدف إلى ممارسة ضغوط اقتصادية وثقافية وأكاديمية على الكيان الإسرائيلي لإنهاء نظامه الاستعماري والعنصري ضد الفلسطينيين، وانطلقت الحركة رسميًا في العام 2005 بمبادرة من أكثر من 170 منظمة فلسطينية، وهي تستند إلى القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
أهداف المقاطعة:
- إنهاء الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي: الضغط على الكيان الإسرائيلي لإنهاء احتلاله لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، بما في ذلك تفكيك المستوطنات وجدار الفصل العنصري.
- تحقيق المساواة للفلسطينيين داخل الخط الأخضر: إنهاء سياسات التمييز العنصري والاضطهاد الممنهج ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل.
- تأكيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين: دعم حق أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها قسرًا عام 1948، وفقًا للقرار الأممي 194.
- عزل الكيان الإسرائيلي دوليًا: تعزيز العزلة السياسية والثقافية والأكاديمية والدبلوماسية للكيان الإسرائيلي، على غرار ما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
- رفع الوعي العالمي: نشر الوعي بانتهاكات الكيان الإسرائيلي لحقوق الإنسان، وتحفيز الشعوب والمؤسسات لاتخاذ مواقف تضامنية ومبدئية.
أدوات المقاطعة:
- المقاطعة: تشمل الامتناع عن شراء أو تداول المنتجات الإسرائيلية أو منتجات الشركات العالمية الداعمة للاحتلال، إضافة إلى مقاطعة الفعاليات الثقافية والرياضية والأكاديمية المرتبطة بالكيان الإسرائيلي.
- سحب الاستثمارات: الضغط على المؤسسات والصناديق الاستثمارية والجامعات والبنوك لسحب استثماراتها من الشركات المتورطة في الاحتلال والاستيطان.
- فرض العقوبات: حث الحكومات على فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الكيان الإسرائيلي، مثل تعليق الاتفاقيات التجارية والتعاون العسكري.
أهمية المقاطعة:
- تُعدّ المقاطعة أداة مقاومة غير عنيفة تُحدث تأثيرًا مباشرًا على الاقتصاد الإسرائيلي والشركات المتواطئة.
- توفر وسيلة للمجتمعات والأفراد لممارسة ضغط فعّال دون عنف.
- تسهم في فضح جرائم الاحتلال وتغيير الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية.
- تسهم في خلق بدائل اقتصادية محلية وتعزز من الاعتماد على الإنتاج الوطني.
أبرز المنتجات الإسرائيلية الأساسية المستهدفة بالمقاطعة
تشمل مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية والصناعية والغذائية والتكنولوجية. ومن أبرزها:
- المنتجات الزراعية: مثل التمور والحمضيات من شركات مثل “ميهادرين” و”إيدوم”.
- منتجات غذائية: مثل منتجات “كوكاكولا” و”بيبسي” و”ستاربكس” التي ترتبط بفروع أو استثمارات في الكيان الإسرائيلي.
- منتجات صناعية وتكنولوجية: تشمل علامات تجارية في قطاعات التقنية والبنية التحتية.
أسباب المقاطعة
تنبع من:
- التزام قانوني وأخلاقي بمقاطعة الأنظمة التي تنتهك القانون الدولي.
- الضغط على الاحتلال لإنهاء انتهاكاته المستمرة.
- دعم الاقتصاد الفلسطيني.
- تعزيز النضال السلمي والمجتمعي.
أبرز الشركات الداعمة للكيان الإسرائيلي المستهدفة بالمقاطعة
من الشركات متعددة الجنسيات ذات الارتباط المباشر أو غير المباشر بالكيان الإسرائيلي:
- كلين آند كلير (Clean & Clear)
- كلينيك (Clinique)
- كلينيكس (Kleenex)
- كوكا كولا (Coca-Cola)
- كوستا كوفي (Costa Coffee)
- كوفي ميت (Coffee Mate)
- كيت كات (KitKat)
- ستاربكس (Starbucks)
وقد تعرضت بعض هذه الشركات لانخفاض في المبيعات وتراجع في الأسهم، كما حدث مع سلسلة ستاربكس وماكدونالدز خلال الربع الأخير من عام 2023، بحسب تقارير اقتصادية دولية.
هذه الأدوات والأهداف تشكّل ركيزة حركة المقاطعة وتؤكد على أهميتها في التصدي للاحتلال الإسرائيلي، وإحداث تأثير ملموس يتجاوز الشعارات إلى النتائج العملية.
مواقف الشعوب العربية والإسلامية والمؤسسات من المقاطعة
تفاوتت مواقف الشعوب والمؤسسات العربية والإسلامية تجاه المقاطعة الاقتصادية للكيان الإسرائيلي، إلا أن الحرب الإسرائيلية على غزة مثّلت لحظة حاسمة عززت من حضور المقاطعة كأداة نضالية ووسيلة احتجاج فعّالة في وجه العدوان.
أولًا: مواقف الشعوب
- تأييد شعبي واسع: أظهرت استطلاعات ومبادرات مجتمعية أن الغالبية العظمى من الشعوب العربية والإسلامية تدعم المقاطعة، وتعتبرها واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا ودينيًا.
- نشاط جماهيري متصاعد: ازدادت المبادرات الشعبية، وحملات المقاطعة الرقمية والميدانية، خاصة في أوساط الشباب والطلاب والنقابات، مع انتشار قوائم توعوية توضح أسماء الشركات المستهدفة.
- تحول المقاطعة إلى ثقافة مقاومة: لم تعد المقاطعة مجرد فعل مؤقت، بل أصبحت ثقافة نضالية تعكس الوعي الشعبي المتزايد بخطورة التطبيع الاقتصادي، وتجسد رفضًا مجتمعيًا واسعًا للاحتلال.
- دوافع متعددة: تنوعت دوافع المقاطعة بين السياسية والأخلاقية والدينية، واعتبرها كثيرون امتدادًا للمواقف الجماهيرية الداعمة لفلسطين تاريخيًا.
ثانيًا: مواقف المؤسسات
- تأييد مؤسساتي جزئي وغير رسمي: أعلنت بعض المؤسسات والنقابات تأييدها للمقاطعة، فيما اتخذت مؤسسات أخرى قرارات بسحب منتجات معينة أو مراجعة علاقاتها التجارية، دون مواقف رسمية معلنة دائمًا.
- حملات توعية مؤسسية: ساهمت منظمات أهلية ومؤسسات تعليمية ودينية في نشر الوعي بأهمية المقاطعة من خلال الفعاليات ووسائل الإعلام.
- تحديات قانونية وبيروقراطية: تواجه بعض المؤسسات عراقيل قانونية بسبب الاتفاقيات التجارية الدولية أو ضغوط سياسية، ما يحدّ من قدرتها على تبني مواقف حاسمة.
- تفاوت الاستجابة: تختلف درجة الالتزام بالمقاطعة بين الدول والمؤسسات، إذ تنخرط بعض الجهات بحماس، بينما تفضّل جهات أخرى الحياد أو التريّث.
ثالثًا: أشكال المقاطعة الشائعة
- مقاطعة مباشرة للمنتجات الإسرائيلية: تشمل الامتناع عن شراء السلع المنتجة داخل الكيان الإسرائيلي، خاصة الزراعية والغذائية.
- مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال: استهداف العلامات التجارية متعددة الجنسيات التي تستثمر أو تتعاون مع الجيش أو الحكومة الإسرائيلية.
- مقاطعة الفعاليات الدولية: الامتناع عن المشاركة في فعاليات ترعاها أو تموّلها جهات إسرائيلية أو داعمة لها، لا سيما في مجالات الثقافة والرياضة والتكنولوجيا.
ملاحظات ختامية
- التنوع لا يلغي التأثير: رغم التفاوت في الالتزام، تمكّنت المقاطعة من التأثير في الخطاب العام وإعادة تشكيل المزاج الشعبي.
- تأثير تراكمي: ساهمت الحملات المتواصلة في إحراج الشركات المستهدفة ودفع بعضها لإعادة النظر في سياساتها أو توضيح مواقفها.
- الاستمرارية ضرورة: لضمان فعالية المقاطعة، لا بد من استمرار الجهود وتكثيفها، وتوسيع الشراكات المجتمعية والمؤسسية، لخلق حاضنة شعبية دائمة للمقاطعة كجزء من مشروع التحرر الوطني الفلسطيني.
خسائر الشركات الداعمة للحرب على غزة وتأثير المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي
تُشكّل حملات المقاطعة الاقتصادية التي انطلقت ردًّا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أداة ضاغطة ذات تأثير متزايد على الشركات الداعمة للاحتلال، والتي باتت تتحمل تكاليف مادية ومعنوية فادحة نتيجة ارتباطها بالكيان الإسرائيلي، إذ لم تعد المقاطعة مجرد سلوك احتجاجي رمزي، بل تحوّلت إلى قوة اقتصادية وسياسية ضاغطة تؤثر على موازنات الشركات، وتدفعها إلى مراجعة علاقاتها وسياساتها.
أولًا: تأثير مباشر على سمعة وربحية الشركات
تُعدّ سمعة الشركات العالمية عنصرًا حاسمًا في قدرتها على التوسع والاستثمار، وعندما ترتبط علامة تجارية بدعم الاحتلال الإسرائيلي، فإنها تدخل دائرة الاستهداف من ملايين المستهلكين في العالم، وينعكس هذا الانطباع السلبي سريعًا على أداء الأسهم في البورصات، وتراجع المبيعات، والحد من تدفقات الاستثمار.
فعلى سبيل المثال:
- ستاربكس: خسرت الشركة أكثر من 12 مليار دولار من قيمة أسهمها خلال 20 يومًا فقط في ديسمبر 2023، بعد موجة احتجاجات ومقاطعة بسبب موقفها من الحرب على غزة، وفقًا لتقارير “بلومبرغ”، وقد أقرت الشركة بتأثر مبيعاتها، وأعلنت لاحقًا تخفيض توقعاتها للربع الأول من 2024.
- ماكدونالدز: تراجعت مبيعاتها في الشرق الأوسط وآسيا بشكل غير مسبوق، وبلغ نمو المبيعات في هذه المناطق 0.7% فقط، مقارنة بتوقعات سابقة بنمو 5.5%. كما أعلنت الشركة أنها بصدد إعادة شراء فروعها في الكيان الإسرائيلي البالغة 225 فرعًا، بعد الأثر المدمر لحملات المقاطعة.
- أمريكانا: الشركة الكويتية المالكة لامتيازات كبرى مثل كنتاكي، بيتزا هت، كوستا، شهدت انخفاضًا بنسبة 48.3% في صافي أرباحها للربع الرابع من 2023 مقارنة بالعام السابق، نتيجة حملات المقاطعة في مصر ودول الخليج.
- كارفور: أُغلقت 4 فروع لها في الأردن بعد حملات مقاطعة شعبية، وسط تقارير عن تراجع كبير في المبيعات.
ثانيًا: أثر متصاعد على الاقتصاد الإسرائيلي
المقاطعة لا تُصيب فقط الشركات الداعمة للاحتلال بل تضرب في العمق بعض مفاصل الاقتصاد الإسرائيلي نفسه:
- القطاعات الزراعية والصناعية: تصاعدت التحذيرات من مزارعين ومصدّرين إسرائيليين بشأن خسائر فادحة جراء مقاطعة المنتجات الزراعية في أوروبا، لا سيما في ألمانيا وهولندا وبلجيكا.
- قطاع السياحة: شهد تراجعًا كبيرًا في الحجوزات والزيارات، نتيجة حالة الغضب الدولي، والانكشاف الإعلامي لجرائم الحرب.
- الاستثمارات الدولية: أظهرت تقارير انسحاب عشرات البنوك وصناديق التقاعد الأوروبية من الاستثمار في شركات إسرائيلية، بما في ذلك “G4S”، “فيوليا”، “CRH”، وغيرها، بسبب تورطها في أنشطة مرتبطة بالاحتلال.
ثالثًا: نماذج لنجاح حملات المقاطعة
- انسحبت شركة “فيوليا” الفرنسية من مشاريع استيطانية بعد خسائر قدرت بـ14 مليار جنيه إسترليني.
- انسحبت شركة “G4S” البريطانية من عقودها الأمنية في السجون الإسرائيلية بفعل الضغط الشعبي والطلابي والمؤسساتي.
- تبنّت أكثر من 20 جامعة بريطانية مقاطعة الشركات المتورطة في الاحتلال.
- قررت تركيا وقف جميع أشكال التجارة مع إسرائيل في مايو 2024، رغم أن حجم التبادل التجاري تجاوز 5 مليارات دولار سنويًا.
- شهدت بعض العلامات التجارية البديلة انتعاشًا لافتًا، كما حدث مع مشروب “سبيرو سباتِس” في مصر، الذي عاد للواجهة بقوة نتيجة مقاطعة الشركات الأمريكية.
رابعًا: مؤشرات على عزلة إسرائيلية متصاعدة
- أشارت إحصائيات منظمة ACLED إلى أن 85% من الاحتجاجات التي نُظمت حول العالم بعد 7 أكتوبر 2023 كانت مؤيدة لفلسطين.
- شهدت الجامعات الأمريكية والأوروبية أكبر حراك طلابي مؤيد لفلسطين منذ عقود، مطالبين بسحب الاستثمارات وقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
- قررت دول مثل جنوب أفريقيا، وتركيا، وإسبانيا، والنرويج، وإيرلندا اتخاذ مواقف سياسية ودبلوماسية ضاغطة على الكيان الإسرائيلي، بعضها شمل الاعتراف بدولة فلسطين أو سحب السفراء.
خامسًا: حملات مضادة تواجه الفشل
رغم أن الكيان الإسرائيلي ومؤيديه شنوا حملات دعائية وسياسية لتجريم المقاطعة، واتهامها بمعاداة السامية، فإن فاعلية هذه الحملات باتت محدودة، وواجهت رفضًا في العديد من الأوساط الأكاديمية والحقوقية، وهو ما يعزز من مشروعية واستمرارية المقاطعة.
وهكذا لم تعد المقاطعة الاقتصادية خيارًا رمزيًا، بل أداة استراتيجية فعالة تُحدث تحولات ملموسة في أداء الشركات وسلوك المستهلكين والسياسات العامة، وكلما طال أمد الحرب واستمر الكيان الإسرائيلي في سياساته الإجرامية، ازداد الزخم الشعبي والدولي لمقاطعته، مما يفتح الباب أمام تحولات جوهرية في مستقبل العلاقة بين الكيان الإسرائيلي والأسواق العالمية.
خلاصة
تُعدُّ المقاطعة الاقتصادية للكيان الإسرائيلي واحدة من أبرز أدوات المقاومة الشعبية التي اكتسبت زخماً غير مسبوق في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، فقد أثبتت هذه الحملات فعاليتها في الضغط الاقتصادي والسياسي على الشركات متعددة الجنسيات التي تدعم الاحتلال، وأسهمت في تراجع أرباحها وانتشار حملات سحب الاستثمارات، مما أدى إلى خسائر مالية فادحة أثرت على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل ملموس.
إن المقاطعة ليست مجرد فعل رمزي أو احتجاجي، بل أداة نضالية استراتيجية تستند إلى أسس قانونية وأخلاقية، تهدف إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة للفلسطينيين، عبر عزلة الكيان الإسرائيلي دولياً وتقويض الدعم المالي والاقتصادي الذي يمكّنه من مواصلة سياساته التوسعية والعدوانية.
كما برزت المقاطعة في ردود فعل الشعوب العربية والإسلامية التي اعتبرتها واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا، وتحولت إلى حركة اجتماعية متنامية شارك فيها الشباب والطلاب والنقابات، ما عزز من صمود النضال الفلسطيني وخلق ثقافة مقاومة جديدة ضد التطبيع الاقتصادي.
ورغم التحديات القانونية والسياسية التي تواجهها المقاطعة، لا سيما الحملات المضادة التي تحاول تشويه صورتها ووقف تمددها، فإن قوة الحراك الشعبي والوعي العالمي المتزايد بحقوق الفلسطينيين يشكلان عوامل حاسمة في استمرار هذه الحركة وتوسعها.
إن نجاح المقاطعة في إلحاق خسائر ملموسة بالاقتصاد الإسرائيلي، وتراجع ثقة المستثمرين، إلى جانب انعكاساتها الاجتماعية والسياسية، يؤكد أن هذه الأداة ستظل رافعة أساسية للنضال الفلسطيني، وستساهم في بناء إرادة دولية تضغط على الاحتلال لإنهاء جرائمه وتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.
توصيات المركز
- تكثيف حملات التوعية الإعلامية والاجتماعية:
- تنفيذ حملات إعلامية مركزة عبر جميع المنصات، لتسليط الضوء على أهداف المقاطعة ونجاحاتها.
- سرد قصص وشهادات فلسطينية مؤثرة لتعزيز الجانب الإنساني.
- إقامة ندوات وورش عمل في الجامعات والمدارس لتثقيف الشباب.
- توسيع قائمة المقاطعة لتشمل قطاعات وشركات جديدة:
- مراجعة دورية لقوائم الشركات والمنتجات التي تدعم الاحتلال.
- دعم الابتكار الفلسطيني في القطاعات البديلة، لتحفيز الاقتصاد المحلي.
- تنويع أدوات وأساليب المقاطعة:
- العمل على مقاطعة ثقافية وأكاديمية وفنية إضافة إلى الاقتصادية.
- تشجيع المؤسسات التعليمية على اعتماد سياسات عدم التعاون مع الكيان الإسرائيلي.
- تعزيز دعم المنتجات المحلية والبدائل الصديقة:
- تحفيز المستهلكين على تفضيل المنتجات الوطنية والفلسطينية.
- تقديم حوافز تشجيعية من خلال شراكات مع مؤسسات تجارية ومنظمات مجتمع مدني.
- الضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف حاسمة:
- إطلاق حملات ضغط شعبي على البرلمانات والحكومات في الدول العربية والإسلامية والعالمية.
- إقامة تحالفات مع منظمات حقوقية ودولية تدعم المقاطعة.
- تعزيز التنسيق الدولي بين حركات المقاطعة:
- إنشاء منصات تنسيقية لتبادل الخبرات والمعلومات بين حركات المقاطعة حول العالم.
- دعم الحملات الدولية المشتركة لتكثيف الضغط على الشركات المتواطئة.
- تسليط الضوء على الأهداف الإنسانية والقانونية للمقاطعة:
- إبراز المقاطعة كأداة لحماية حقوق الإنسان وفقًا للقانون الدولي.
- التعاون مع منظمات حقوق الإنسان لتوثيق الانتهاكات ورفع الوعي الدولي.